• السبت , 27 أبريل 2024

مخاوف حكومية عربية خلف رفض إنشاء “مؤسسة المفقودين

“القاهرة- العربي الجديد:2/7/2023

تظاهرة ببرلين تطالب بإطلاق المعتقلين لدى النظام السوري، مايو 2022 (جون ماكدوغال/فرانس برس)

انتقد حقوقيون رفض كل الدول العربية، ما عدا قطر والكويت، قراراً تنشأ بموجبه مؤسسة مستقلة تحت رعاية الأمم المتحدة معنية بالمفقودين والمخفيين قسرياً في سورية. رفض تُرجم إما امتناعاً عن التصويت أو التصويت ضدّ القرار الذي أُقر يوم الخميس الماضي في الجمعية العامة للأمم المتحدة. واعتبر هؤلاء الحقوقيون أن موقف الدول العربية “يعكس هواجس الأنظمة العربية من انتشار قرارات مشابهة في المنطقة”.

تطور غير مفاجئ

ووصف مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، الحقوقي المصري بهي الدين حسن، موقف الدول العربية، بأنه “تطور مؤسف لكنه غير مفاجئ، من ناحية أنه يعبّر عن طبيعة ما يسمى التوافق والإجماع العربي، وهذا الإجماع والتوافق يظهر بشكل خاص في مناسبات تتعلق أو تنم عن استهتار شديد بحقوق الشعوب العربية، والمفارقة أن يكون في الضفة الأخرى توافق دولي لدعم حقوق الشعوب العربية”.

وتابع الحقوقي المصري في حديث لـ”العربي الجديد”: “ليست مصر فقط، إنما كثير من الدول العربية أصبح الإخفاء فيها ممارسة روتينية، مصر بها توسع كبير في حالات الإخفاء لكن لا يقارن بسورية”.

وأضاف: “بالتأكيد هناك هاجس مهم لدى الدول العربية بخصوص هذا القرار، فكان التحفظ رسالة بعدم تشجيع اتخاذ قرارات مشابهة بالنسبة لدول أخرى عربية من بينها مصر”.

من جهته، قال المدير التنفيذي لـ”الجبهة المصرية لحقوق الإنسان”، أحمد النديم، لـ”العربي الجديد” إن “سبب تحفظ مصر على القرار هو موقفها المتقارب أخيراً مع النظام السوري، ووضح ذلك في اجتماع قمة الدول العربية، ومقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للرئيس السوري بشار الأسد، فهذا الأمر جزء من موقف عربي موحد أخيراً تجاه النظام السوري”.

وأضاف: “السبب الآخر للتحفظ المصري، تحسباً لأن يكون هناك قرار مشابه مستقبلاً يخص مصر، خصوصاً أن الإخفاء القسري هو نمط موجود بكثافة، وهناك عدد كبير من المفقودين”.

وتابع: “صحيح أن أعداد المخفيين في مصر لا تُقارن بسورية، لكن على سبيل المثل، ما تزال هناك أسماء مفقودة منذ فض اعتصام رابعة حتى الآن، وهناك آلاف المختفين قسرياً سواء لفترات قصيرة أو طويلة، فالتحفظ المصري له بُعد سياسي، وبُعد آخر تحسبي”.

آلاف المخفيين في مصر

وفي مصر، وطبقاً لحملة “أوقفوا الاختفاء القسري”، تم على مدار السنوات الثماني السابقة توثيق نحو أربعة آلاف حالة للإخفاء القسري لفترات متفاوتة داخل مقار قطاع الأمن الوطني وغيرها من مقار الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، بينما لا يزال 300 شخص على الأقل قيد الإخفاء.

ووصفت عضو حملة “أوقفوا الاختفاء القسري” سارة محمد، في حديث لـ”العربي الجديد”، “ظاهرة الإخفاء القسري” في مصر بـ”العملية الممنهجة التي تُمارس بشكل مكثف”.

وقالت: “الممارسات الخاصة بسياسة الإخفاء القسري في مصر، تزداد عنفاً وقساوة، وتستخدمها الدولة لأسباب عديدة، منها نزع الاعتراف، وكوسيلة تهديد وكسر للضحية، وكنوع من أنواع تقفيل القضايا، ولذلك عادة نجد زيادة في أعداد وأرقام المخفيين بين شهر أغسطس/آب حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول، لأن الأمن لديه أعداد معينة من أرقام القضايا بحاجة إلى غلقها قبل نهاية العام”.

وأضافت محمد: “منذ بداية الحوار الوطني في مصر، تم رصد أعداد الإخفاء القسري، ووجدت كما هي ولم تتغير، وربما تكون زادت، وحتى عمليات القبض على المواطنين مستمرة بالوتيرة نفسها”.

ورأت أن هذا الأمر “يثبت أنّ الإخفاء القسري هو أمر ممنهج، وعندما نتحدث مع أي من المحامين الذين يعملون في شق القضايا السياسية، ونسألهم عن إمكانية ظهور المقبوض عليهم خلال 24 ساعة في النيابة، وهي الفترة القانونية، يكون الرد إنه أمر شبه مستحيل أن يظهر المتهم خلال الوقت القانوني”.

وكانت “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” قد قالت في بيان سابق إن “ظاهرة الإخفاء القسري برزت في المجتمع المصري في الأحداث التي تلت 30 يونيو/حزيران 2013، بشكل يثير الرعب في المجتمع، لرغبة النظام في السيطرة على الحياة السياسية مع وجود ظهير شعبي يؤيد السيطرة الأمنية، وبرزت ممارسات قمعية كتقييد الحريات واستهداف النشطاء عن طريق إصدار العديد من القوانين القمعية، ومحاكمتهم أحكاما قضائية تصل للمؤبد والإعدام”.

مقالات ذات صلة

USA