• السبت , 27 أبريل 2024

روسيا ترسم “خارطة طريق” درعا.. “البنود مذلة” و”القادم أسوأ”

A Free Syrian Army fighter stands in guard before Iftar (breaking fast) during the Muslim month of Ramadan in the province of Daraa, Syria May 30,2017. REUTERS/ Alaa al-Faqir

ضياء عودة – إسطنبول الحرة. نت:16/8/2021

تترقب محافظة درعا في الجنوب السوري ما ستؤول إليه الأمور خلال الأيام المقبلة، بعد طرح روسيا ما تسمى بـ”خارطة طريق” لتسوية ملف المنطقة ككل، و”أحياء البلد” على الخصوص.الخارطة، التي تسلمتها اللجان المركزية الممثلة عن الأهالي، الأحد، واجهت خلال الساعات الماضية ردود فعل رافضة، على اعتبار أن بنودها تصب في صالح النظام السوري وأهدافه الأمنية والعسكرية، بحسب ما يقول ناشطون وصحفيون، وأحد وجهاء العشائر.ويبدأ تطبيق بنود “الخارطة” على مراحل ابتداءً من 15 أغسطس الحالي وحتى نهاية سبتمبر المقبل، وبمجملها تفضي إلى إعادة السلطة الأمنية والعسكرية للنظام السوري على مناطق الجنوب.

وبحسب النسخة التي حصل عليها موقع “الحرة” تنص الخارطة على تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة الموجودة بيد عدد من مقاتلي المنطقة، على أن يتم بعد ذلك إجراء “تسوية أمنية للمسلحين”.وبموازاة ما سبق تضمنت الخارطة بند “إخراج المسلحين إلى منطقة خفض التصعيد، والبحث عن المطلوبين الذين لم يتموا تسوية أوضاعهم، وإجراء عمليات تفتيش عن الأسلحة والذخائر في درعا البلد”.

ومن المقرر أن يتم تنظيم دوريات مشتركة من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري والشرطة العسكرية الروسية في “أحياء البلد”، ليتم الانتقال فيما بعد إلى تسوية أوضاع المنشقين وإرسالهم إلى القطع العسكرية، ووضع نقاط تفتيش في محيط درعا، من أجل تنظيم عبور المدنيين.

ويقول المتحدث باسم اللجان المركزية، عدنان المسالمة، إن نشر بنود خارطة الطريق من جانبهم “لا يعني الموافقة عليها حتى الآن”.ويضيف في تصريحات لموقع “الحرة”: “نحن أكثر الرافضين لأي بند يمس بأمن وكرامة أهلنا وشبابنا، وأن البنود المقترحة من الجانب الروسي هي رهن التشاور والتداول للجميع”.”

بنود مذلة”ما تضمنته “خارطة الطريق الروسية” يشابه إلى حد كبير الشروط التي وضعتها اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري، منذ بداية التصعيد في الجنوب السوري، قبل قرابة شهرين.وطالبت لجنة النظام في ذلك الوقت بضرورة تسليم كافة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وتثبيت نقاط عسكرية في أحياء درعا البلد، مع التأكيد على ضرورة إخراج من يرفض ذلك إلى مناطق الشمال السوري.ولا توجد أي مؤشرات واضحة عما ستكون عليه الأيام المقبلة في الجنوب السوري، سواء بالشروع بتنفيذ بنود “الخارطة” كما هي أو القبول بها مع تعديلات أو رفضها كاملة، ما يعني عودة التصعيد والتوتر من جديد.

أبو علي المحاميد أحد وجهاء محافظة درعا يقول لموقع “الحرة”: “خارطة الطريق هي من وضعها النظام السوري لأنها لا تتضمن أي بند لصالح الأهالي. جميعها شروط وإملاءات. يجب تنفيذ وتنفيذ وتنفيذ..”، على حد تعبيره.

ويضيف المحاميد المقيم في درعا البلد: “من الصعب جدا القبول بها. الناس لا توافق عليها ومن المستحيل ذلك. لن يقبلها أحد وهناك بنود مجحفة تضمنتها الخارطة”.

ويشير المحاميد الذي كان مطلعا على جميع جلسات التفاوض الماضية إلى أن الخارطة الروسية تضمنت شروطا مفادها أن “من يتذمر من الحياة الاقتصادية والاجتماعية في درعا ستتم محاسبته. هي ليست خارطة، بل شروط لإذلال الأهالي”.

وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي تعليق من الجانب الروسي حتى اللحظة، أكدت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري كل ما جاء في بنود الخارطة التي نشرتها اللجان المركزية الممثلة عن الأهالي.وفي عددها الذي صدر الاثنين قالت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية إن “خارطة الطريق” تتضمن جمع كامل السلاح الموجود في الجنوب السوري، وترحيل الأشخاص المطلوبين أمنيا إلى الشمال السوري.

وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادر، وصفتها بـ”وثيقة الاطلاع”، أن الخارطة الروسية تقضي أيضا بعودة دوائر ومؤسسات “الدولة السورية” إلى كل مناطق الجنوب.”لا حلول كثيرة”خلال الشهرين الماضيين أثبتت روسيا حضورها في جميع جلسات التفاوض التي عقدت بين ممثلي النظام السوري وممثلي اللجان المركزية.وفي البداية تولى ضابط روسي يدعى “أسد الله” المهمة، ليخلفه آخر يدعى “أندريه”، وبحسب تصريحات سابقة للناطق باسم اللجان المركزية، عدنان المسالمة فإن الأخير عيّن حديثا كمسؤول عن ملف الجنوب السوري.الناشط المعارض عمر الحريري من مكتب “توثيق الشهداء في درعا” يقول إن هناك رفضا للخارطة الروسية من عدة جهات في درعا.

لكنه يضيف مستدركا: “المشكلة أنه لا توجد حلول كثيرة بيد اللجان المركزية”.ويشير الحريري في حديث لموقع “الحرة” إلى أن حالة تخوف قائمة من “استغلال الطرف الروسي لحالة الرفض الذي لاقتها خارطته. الرفض قد يفضي إلى تصعيد جديد في المنطقة”.وخلال الساعات الماضية كان هناك حديث بأن “الحل الوحيد” في درعا هو تهجير كامل أهالي أحياء درعا البلد”، ويتابع الناشط المعارض: “هو بند تضمنته خارطة الطريق الروسية بأن أي شخص يرفضها عليه الخروج إلى الشمال السوري”.

وزاد الحريري: “هناك تخوف أيضا من عدم الإجماع على الخروج بشكل جماعي إلى الشمال السوري. الحالة جدا متخبطة حتى اللحظة”.”الأمور ذاهبة نحو الأسوأ”وفي غضون ذلك تعيش العائلات في أحياء درعا البلد، التي يبلغ عددها 11 ألف عائلة ظروفا معيشية صعبة، بحسب ما أشارت إليه الأمم المتحدة في تقرير صدر في 30 يوليو، قالت خلاله إن ما يشهده الجنوب السوري في الوقت الحالي أدى إلى سقوط مدنيين ونزوح آلاف الأشخاص من المنطقة.وتتوزع العائلات على أحياء عدة هي: حي مخيم نازحي الجولان، مخيم اللاجئين الفلسطينيين، حي طريق السد، المزارع في مناطق الشياح والنخلة والرحية والخواني.

وكالة “الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين” (أونروا) نشرت تقريرا الأحد، وقالت خلاله إن الحصار على درعا أدى إلى نزوح أكثر من نصف العائلات الفلسطينية البالغ عددها 600.وبحسب تقرير الوكالة: “يعاني اليوم ثلاثة آلاف فرد، في مخيم درعا جنوبي سوريا من نقص الدواء والغذاء، بما في ذلك الخبز، تزامنا مع انقطاع الماء، والكهرباء عن المخيم”.

وعبّرت “أونروا” عن قلقها على حياة اللاجئين الفلسطينيين، نظرا لعدم قدرتهم على الوصول إلى الخدمات التي تقدمها خاصة بعد إغلاق العيادة الصحية التابعة لها منذ مطلع شهر أغسطس.الكاتب والصحفي، محمد العويد يرى أن الموقف الحالي في محافظة درعا باعتباره “إشكاليا، ويكشف عن تناقضات كبيرة أكثر مما هو متوقع”.ويقول العويد في تصريحات لموقع “الحرة”: “في الأيام الماضية كنا نحاول مقاربة الواقع والتدخل الروسي بأنه ضامن لاتفاقية 2018.

لكن بعد تسريب بنود خارطة الطريق هناك صدمة كبيرة حيال الموقف الروسي”.ويوضح الكاتب والصحفي أن الإشكالية الأولى حيال “خارطة الطريق” أنها “تتضمن الإذلال، والانحياز الروسي للنظام السوري وحليفه الإيراني، أكثر من لعب دور الوسيط الذي يحاول تصفير المشاكل وتبريد الأجواء”.ويشير العويد: “الموقف إشكالي وربما نشهد في الساعات أو الأيام المقبلة تحولات دراماتيكية في الجنوب السوري، سواء على الصعيد المحلي أو منطقة حوران بالعموم”.

وبوجهة نظره: “إذا لم تسفر الجولات المقبلة من جلسات التفاوض عن بعض التطمينات فإن الأمور ذاهبة نحو الأسوأ. هناك خطورة مفادها أن المقياس الروسي في درعا يمكن أن يمتد إلى باقي مناطق الخارطة السورية، خاصة في الشمال السوري. الرسائل من درعا لكن الهدف كامل المناطق”.”لا شيء”من جانبه لا يتوقع أبو علي المحاميد، أحد وجهاء درعا “أي شيء” محدد بشأن ما ستسفر عنه تطورات الأيام المقبلة.ويقول: “اللجنة التي تفاوض الروس ونظام الأسد ليس لديها حنكة سياسية، وغير قادرة على إدارة الأزمة”، مضيفا: “ما يتم الآن ليس تفاوض، بل تنفيذ بنود خارطة الطريق، واللجنة المركزية انخرطت في تنفيذ ذلك.

يجب تغيير هذه اللجنة، لأنها لا تستطيع إدارة الأزمة”.وسبق أن ندد المجتمع الدولي بتصعيد النظام السوري في درعا، إذ دعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في الرابع من أغسطس، نظام الأسد إلى وقف الهجوم بشكل فوري.بينما طالب الاتحاد الأوروبي بحماية المدنيين، وكذلك دعت الخارجية الكندية إلى وقف إطلاق النار في درعا وجميع الأراضي السورية، مشيرة إلى أنه “من حق أهالي درعا العيش بأمان”.

مقالات ذات صلة

USA