• السبت , 27 أبريل 2024

الذكرى التاسعة والخمسون لمجزرة عامودا ولم يتم إجراء اي تحقيق.

مدينة عامودا لها تاريخ عريق ، اسمها يختصر تاريخ غالبية مناطق الكرد في الجزيرة السورية، بحوادثها يؤرخ الناس ذكرياتهم، لكل بقعة فيها قصة وتاريخ وحدث، لكل يوم من أيام السنة فيها ذكرى وعبرة وتاريخ. فنظام الأسد طيلة عقود حكمه على معاقبة مدينة عامودا التي تتفرّد بخصوصية بين المدن السورية الكردية، ولاسيّما أنّها توّجت كفاحها المديد بإسقاط صنم الطاغية الأب سنة 2004 وكانت بذلك أوّل مدينة في سوريا تحطّم صنم المجرم ونظامه ما يزال متماسكاً..وقد عوقبت المدينة بأشكال شتّى وعانت في ظلّ القمع والحصار والضغط الذي مورس بحقّها وحقّ أبنائها، بحيث لم تفتأ محاولات النظام لتحجميها، وبثّ روح الفرقة بين أبنائها ومكوناتها.واليوم تمر علينا ذكرى إحدى المجازر التي تعرضت لها هذه المدينة ففي تاريخ 13/11/1960 حدثت حادثة مروعة شكّلت علامة فارقة في تاريخ المدينة الحديث، تم احراق سينما عامودا وقد راح ضحية الحريق المئات من أبناء عامودا من الأطفال، ذلك أن العرض كان مخصصاً لأطفال المدارس وكان ريع السينما لدعم الثورة الجزائرية ضدّ الاحتلال الفرنسي.ومن الجدير بالذكر ان راح ضحية 283 طفلا /باعمار تتراوح بين 6-12 سنة / من أبناء مدينة عامودا الكردية الذين تم دعوتهم بناءا على طلب مدير ناحية مدينة عامودا لحضور فلم بعنوان ” جريمة في منتصف الليل ” في سينما عامودا بغية دعم ثورة الجزائر من خلال جمع التبرعات  وكان عدد الحضور 500 طفل من طلاب مدرستي المتنبي و الغزالي مع العلم أن السينما يتسع فقط ل ٢٠٠ شخص .اشتعل  الحريق في المحرك القديم للسينما , لبّ النار في البناء و الاثاث فتتدافع الأطفال للباب و كان سببا في اغلاق الباب و كانت النتيجة  احتراق الأطفال في السينما و تفحم الجثث فكانت الفاجعة, واستطاع الشهيد محمد سعيد آغا الدقوري من انقاذ أكثر من 12 طفل.وابشع من الجربمة السكوت عليها حيث لم يفتح أي تحقيق في المجزرة لحد الآن.ومن الجدير بالذكر ان أحد الأطفال الناجين يدعى حسن دريعي، أصبح من أشهر المحامين السوريين، وسجل جزءًا من شهادته على المجزرة، التي سُجلت ضد مجهول منذ حكم الجمهورية العربية المتحدة، حتى وصول آل الأسد إلى السلطة، وتعرض المحامي لضغط من المخابرات إثر نشر كتابه “عامودا تحترق” حيث مرت عقود من الزمن على الحادثة المؤسفة التي أودت بأجيال من أبناء عامودا، وما يزال الجرح نازفاً، ومازالت الجريمة مقيّدة ضدّ مجهولين في سجلّ التاريخ. وكأنّ إبقاء القضيّة مهملة معلّقة يكفل بترميم جراح الأرواح، في حين أنّ ذلك لم ينسِ أحداً شهيده وفقيده. فكيف لأمّ فقدت ابناً أو أبناء أن تنساهم..؟! النسيان لا يبلغ قلوب المكتوين بالنار، ولا يفلح في اجتياح راهنهم ومستقبلهم، ولأنّ مأساة عامودا كانت وتظلّ مأساة معمّمة، فلا بدّ من المبادرة إلى الاحتفاء بشهداء سينماها، والاحتفاء يكون بإبقاء ملفّ الجريمة مفتوحاً وإيجاب البحث عن الجناة والمتسبّبين.

مقالات ذات صلة

USA