• السبت , 27 أبريل 2024

مختار بانياس” يروي جوانب من تجربة اعتقاله وتعذيبه في مخابرات طرطوس العسكرية

أشهر قليلة فصلت بين صورتين نشرهما المؤرخ والمعتقل السابق “منصور عبد الله محمد” على صفحته الشخصية في “فيسبوك” بعد الإفراج عنه ونجاته من تجربة اعتقال كادت أن تودي بحياته.وتظهر إحدى الصورتين “محمد” في حالة نحول بلحية بيضاء كثة، وقد بدت آثار التعذيب على ملامح وجهه وازرقاق تحت عينيه وشرود وذهول في نظراته إذ تعرض خلال أربعة أشهر من اعتقاله للسحل والصعق بالكهرباء واستخدام كل أساليب التعذيب الأخرى التي لا يتصورها عقل بشر في فرع الأمن العسكري في طرطوس، لأنه كان مختاراً لمدينة بانياس ومن وجهاء المدينة المعروفين في محيط طائفي بامتياز مما زاد في حقد جلاديه عليه وتعذيبه دون أدنى رحمة.وكان “مختار بانياس” كما يفضّل كثيرون تلقيبه قد اعتقل من منزله في حي “ابن خلدون” بمدينة بانياس بتاريخ 6/2/ 2012 أمام زوجته وأطفاله ووالدته وأشقائه الذين يسكنون معه في ذات المبنى، وتم اقتياده مباشرة –كما روى لـ”زمان الوصل” إلى مفرزة الأمن العسكري في حي “القصور” البانياسي بتهمة تحريض المتظاهرين والتنسيق للمظاهرات وهناك فقد الوعي أول وصوله جراء الضرب والتعذيب اللذين تعرض لهما وتم نقله إلى المشفى، وبعد أن استعاد وعيه أُعيد ثانية إلى المفرزة نفسها ليوضع في المنفردة ما يقارب 3 ساعات، وتم نقله بعدها إلى شعبة المخابرات العسكرية في محافظة طرطوس التي كان يديرها في حينه العميد “عبد الكريم عباس” وتعرض مرة أخرى لتعذيب شديد للاعتراف بأسماء الناشطين والمتظاهرين والثوار الذين يعرفهم ولكنه صبر والتزم الصمت، ودام التحقيق إلى الساعة الواحدة ليلاً من اليوم ذاته، وبعد حفلة تعذيب جهنمي تم تحويله إلى الزنزانة التي لم تكن مساحتها تتجاوز الـمترين وعرضها لـ 60 سم وهي أشبه بالقبر مظلمة وفي زاويتها حفرة وحنفية ماء صدئة، وفيها باب حديدي فيه شراقة صغيرة يتم من خلالها مناولة المعتقلين الخبز والأكل، وتم فك القيد من يديه فلم يستطع إعادتهما إلى الأمام من شدة الوجع وألم الكتفين، وهو أشد ألما من ضرب سوط السجان.في صباح اليوم التالي تم إخراج المختار إلى التحقيق وكان هناك أشخاص من “مشتى الحلو” في صافيتا يعملون في العقارات ويتم التحقيق معهم بتهمة الاجتماعات السياسية ومن بينهم مسيحية وعلوية، وتعرض بدوره للتعذيب بعد الفراغ من تعذيبهم وكان أحد المحققين يقول لأحد العناصر: “ربيه هادا مختار أهل السنة بدنا نربي سوريا فيه”.بعد يومين من اعتقاله سمع المختار صوت امرأة في الأربعينات من عمرها وهي تصرخ طالبة أولادها، وكان أحد الجلادين بشتمها شتائم بذيئة ويهددها بالاغتصاب إن لم تصمت، وبعد ثلاثة أيام تقريباً اختفى صوتها ولم يعرف مصيرها، وبعد أسبوع انهارت صحة المختار جراء التعذيب، ولكن كان لديه إرادة ذاتية بأن يبقى على قيد الحياة بمشيئة الله شاهداً على جرائم النظام ومتحدياً جلاديه، وأن يخرج من المعتقل ليوثق ما عاشه ورآه وخاصة أنه باحث في التاريخ.وروى المعتقل السابق أن الجلادين جاؤوا ذات يوم بشاب يدعى “محمد العلو” مع ابن عمة له من ريف درعا قبض عليه أثناء محاولته مساعدة قريبه على الانشقاق بوشاية من أحد المتعاملين مع النظام، وكان قفصه الصدري ظاهراً بلون أبيض وينزّ دماً من أثر التعذيب بالكبل الكهربائي.وكشف محدثنا أن الإهانات والتعذيب اللذين تعرض لهما فاقا الوصف لأنه كان بنظر جلاديه رمز للسنّة في بانياس، ويريدون الانتقام منهم من خلاله، وكانوا يقومون بجره من شعر رأسه على طول ممر الزنزانات جيئة وذهاباً ويضربون رأسه بالحائط حتى يغمى عليه، وكان يسمع أصوات الكاميرات وهي تصوره أثناء التعذيب فيما يقف فوق جسده عدد من الجلادين يتصورون وهم يضحكون منتشين بتعذيبه ويصرخون “راح نزرع بانياس بطاطا وفجل وندمرها ونقتل أهلها من السنة العرعورين المندسين، حرام أن تعيشوا بيننا”.بعد حوالي شهر ونصف في الزنزانة تم تحويل مختار بانياس إلى السجن المركزي في طرطوس ليوضع في أحد مهاجع الشغب وبعد أشهر اُفرج عنه بكفالة كانت هي الأكبر في سوريا- آنذاك حسب قوله- حيث دفع ذووه 3 آلاف دولار من أجل إخراجه من السجن ليفرج عنه ليلة عيد الفطر ويجد أن والدته أصيبت بشلل في أطرافها العليا بعد اعتقاله مباشرة.فارس الرفاعي – زمان الوصل

مقالات ذات صلة

USA