• الجمعة , 11 أكتوبر 2024

غسان المفلح: سوتشي حفلة دستورية

بداية ما جرى ويجري للسوري يتحمله الأسد وكل قوى الاحتلال الدولي للثورة السورية. أيضا من غير المفيد لايموقف سياسي او ثقافي، ان لايكون في خلفية مشهده، ان الثورة السورية انطلقت بعد خمسين عاما تقريبا من الاجرام الاسدي بحق البلد. بدون هذه الخلفية، يصبح الشغل السياسي والثقافي، شغل بالقطعة!
***
البعثيون وبعدها الأسد استلموا البلد كانت ديمقراطية وليدة تتعثر، و”اقتصاد برجوازي” متلعثم، وقوى وأحزاب سياسية تبحث عن صيغة ديمقراطية، كانت خارجة من تجربة ديكتاتورية ناصرية، بعدها تم هندسة البلد اسديا، حتى وصلنا الى هذا الدمار. بدون رؤية دور السلطة المركزي في بلدان ديكتاتورية، تضيع الحدود ويصير المجرم ضحية. هذا عنوان من سوتشي.
***
الكتابة عن سوتشي كمن يمشي على ارض لزجة. لا يعرف متى ينزلق. سوتشي مؤتمر للمحتل، وليس لايجاد حل. كل من حضر سوتشي، راقصة او طبال لا فرق، المهم كل من حضر قال للعالم: انا موافق على قتل الاسد والروسي والايراني والتركي لاهلي في سورية، ولكم الشرعية في قتل من تبقى.
***
الثورة السورية لم تنطلق ضد الدستور، أي دستور. الثورة انطلقت ضد امتهان الكرامات، والحرية المفقودة، ونهب البلد وارزاق العباد. ضد التمييز المركب والمتراكب، بين البعثي وغير البعثي، بين المخبر وغير المخبر، بين العلوي وبقية خلق الله في سورية. الثورة السورية انطلقت ضد طبقة اثرياء السلطة. ضد النهب والقمع والفساد.
لم تكن مشكلة سورية دستورية. المشكلة ان أي دستور مهما كان، سيأكله الاسديون مادامهم في السلطة.
***
ما يحدث في مصر السيسي مثالا على ان الدستور ليس المشكلة، المشكلة في السلطة الديكتاتورية الفاسدة، التي لا تنتمي لبلدها وأهله. اعتقال المرشحين في الانتخابات الرئاسية، تشويه سمعتهم، ما يحدث في روسيا بوتين ايضا،صاحب سوتشي ودستوره مثالا آخر. لم تكن مشكلة بالنسبة للسلطة الفاسدة الديكتاتورية، أي دستور واية قوانين. مشكلتها في غياب دولة الدستور والقوانين. لهذا من أولى مساوئ الديكتاتورية هي ابتلاعها للدولة. فتتحول الدولة مثلا من رب عمل لشريحة واسعة من الناس، الى عامل عندالديكتاتور، ويتحول الديكتاتور الى رب عمل الدولة كلها. سورية الأسد نموذجا. لهذا اسمها سورية الأسد. اذا سوتشي من هذه الزاوية، دستور لشرعنة مامضى والبناء على هذه الشرعنة.
***
المعارضة التي ذهبت ولم تذهب لسوتشي، شرذمها أوباماوالدول الفاعلة في الملف، معارضة مشكلتها انها لم تفهم سياسة، لكن هذه المشكلة يتحملها الأسد أولا وأخيرا. عندما يساوي الأسد وبوتين في سوتشي بين فاتح جاموس ورندة قسيس وريم تركماني وبين معراج اورال واجهة مجزرة بانياس، وزهير رمضان صاحب طرد الفنانين السوريين من نقابته، لان لهم موقف سياسي مختلف. هذا يعني ان كل هؤلاء جميعا، هم مع الأسد.
بالمناسبة كلمة من بين هؤلاء وخاصة السيدة رندة قسيس ستكون مع روسيا بوتين مهما كان موقف بوتين في سورية،اكثر مما يعنيها الأسد.
***
معارضة لم يسمح لها ان يكون لها ارضا خاصة، تنطلق منها. فهل ستكون أي دولة ارضا لها؟
هل هذه المسألة يتحملها السوري المشرد والمهجر والذي دمرت مدنه وقراه، ام يتحملها الأسد والاحتلال الدولي كما سبق واشرت؟ لا نتحدث شعارات بل نتحدث موازين قوى فرضت على جميع السوريين بما فيهم المعارضة. فهل معارضة سوتشي ومن ذكرت أسمائهم مستقلين في قرارهم؟
***
كي لا نطيل عليكم، سوتشي هو لاكل الدستور أي دستور من أي نوع كان. لان المشكلة في سورية هي الأسد، وليس الدستور. هل تذكرون مهزلة تعديل الدستور بخمسة دقائق في مجلس الغنم السعيد لتوريث الطاغية الصغير، عام 2000 أثناء عملية تجديد عقد الاغتصاب للوطن؟ صراعنا مع نظام العصابة هو صراع وجود وليس صراع من أجل الدستور، قبل الدستور نريد استعادة الوطن والحرية لنستطيع صياغة دستور

المصدر: إيلاف

مقالات ذات صلة

USA