• الخميس , 12 ديسمبر 2024

الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ترحب بإدراج وزارة الخارجية الأمريكية مسؤولاً في النظام السوري وأسرته ضمن قوائم العقوبات، وتُقدم أدلة تُثبت تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان

لاهاي – الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان:أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 إدراج العميد عبد السلام فجر محمود، أحد كبار الضباط في القوات الجوية السورية، إلى جانب زوجته سهير نادر الجندي وأطفالهما الأربعة البالغين، على قوائم العقوبات بموجب المادة 7031 (ج) من قانون اعتمادات وزارة الخارجية، والعمليات الخارجية، والبرامج ذات الصلة للعام 2024.

جاء هذا القرار نتيجة تورط العميد في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما يشمل التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة.

وتمنح المادة 7031 (ج) صلاحيات واسعة لفرض عقوبات على المسؤولين الأجانب المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث تشمل العقوبات حظر دخول هؤلاء الأفراد وأفراد أسرهم المباشرين إلى الولايات المتحدة، مع إمكانية تنفيذ العقوبات بشكل علني أو سري.

عبد السلام فجر محمود، المولود في 20 أيار/مايو 1959 في بلدة الفوعة في محافظة إدلب، يحمل رتبة عميد ضمن قوات النظام السوري ويتبع لفرع الاستخبارات الجوية، الذي يُعد أحد أكثر الأفرع الأمنية نفوذاً في النظام السوري.

تقلّد العميد مناصب عديدة داخل شعبة المخابرات الجوية، أبرزها منصب رئيس فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري، وهو المنصب الذي يشغله منذ عام 2011 وحتى الآن.

ارتبط اسم العميد بارتكاب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان، شملت الإخفاء القسري والتعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري.

وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان العديد من هذه الانتهاكات، بما في ذلك حالات وفاة تحت التعذيب وظروف احتجاز غير إنسانية.عبد السلام محمود أول ضابط أمني في النظام السوري يُدرج مع أفراد أسرته على قوائم العقوباتيشكل إدراج عبد السلام محمود، العميد في القوات الجوية السورية، وأفراد أسرته على قوائم العقوبات سابقة هي الأولى من نوعها لضابط أمني في النظام السوري.

ويهدف هذا الإجراء إلى منع محاولات التحايل التي يلجأ إليها المتورطون في الانتهاكات الجسيمة، من خلال نقل الأموال أو الممتلكات إلى أفراد الأسرة، وهي استراتيجية شائعة تُستخدم لتفادي القيود المفروضة. عبر هذا الإدراج، تُغلق بعض الثغرات التي قد تُستغل للالتفاف على العقوبات، مما يعزز من فعاليتها.

إلى جانب الجوانب التقنية لهذا القرار، يحمل الإجراء رسالة رمزية قوية تُبرز جديّة وزارة الخارجية الأمريكية في التصدي لشبكات النفوذ المرتبطة بالنظام السوري، مما يشكل تصعيداً إضافياً في الضغوط السياسية على النظام وأركانه الأمنية.

دور الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في دعم القرارلعبت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان دوراً مهما في دعم قرار العقوبات، حيث قدمت معلومات موثَّقة عن عبد السلام محمود وأفراد أسرته.

وتركز الشَّبكة جهودها على تقديم بيانات دقيقة تستند إلى أدلة متماسكة بشأن المتورطين في الانتهاكات الجسيمة، بما يشمل أفراد عائلاتهم الذين يُستخدمون كواجهة للتهرب من القيود.تهدف هذه الجهود إلى تعزيز المحاسبة وإغلاق الثغرات التي تُستغل للإفلات من العقاب، ما يضمن تكريس المساءلة ومنع استمرارية شبكات التحايل.

إجراء متزامن مع قرارات دولية سابقة

يأتي هذا القرار بعد مرور عام على إصدار محكمة العدل الدولية في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 قراراً يدعو النظام السوري إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمنع أعمال التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، والحفاظ على الأدلة المرتبطة بهذه الجرائم.ومع ذلك، أظهر النظام السوري عدم التزام واضح بتنفيذ هذه التدابير.

وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الدوري الرابع الصادر في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 استمرار النظام في انتهاك قرارات المحكمة، حيث رصدت مقتل ما لا يقل عن 84 شخصاً تحت التعذيب، بالإضافة إلى اعتقال 1161 مدنياً، من بينهم 18 طفلاً و43 سيدة خلال العام الماضي فقط.

دعوة لتعزيز الجهود الدولية وتوصيات لضمان فعالية العقوبات

تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ فعالية هذه العقوبات تعتمد على تكامل الجهود الدولية.

يتطلب ذلك تعاون الدول لتوسيع نطاق تطبيق العقوبات، وتجميد أصول المسؤولين المتورطين أينما وُجدت، ما يعزز الضغط على النظام السوري ويقلل من قدرته على الإفلات من القيود المفروضة. وتدعو إلى تطبيق التوصيات التالية:

1. توسيع نطاق العقوبات الدولية:

تدعو الشَّبكة السورية لحقوق الإنسانجميع الدول، إلى إدراج المزيد من المسؤولين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة وأفراد أسرهم على قوائم العقوبات. يشمل ذلك تجميد أصولهم المالية وحظر دخولهم إلى أراضيها.

2. تعزيز الدعم للمساءلة الدولية:

حث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، على دعم إحالة ملف الانتهاكات في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

3. تفعيل آليات العدالة العابرة للحدود:

تشجيع الدول على استخدام مبدأ الولاية القضائية العالميةلمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتبطة بالنظام السوري أمام محاكمها الوطنية.

4. فرض عقوبات على الشَّبكات المالية المرتبطة بالنظام:

توجيه الجهود الدولية نحو تفكيك الشَّبكات المالية والاقتصاديةالتي يستخدمها النظام للتحايل على العقوبات، بما في ذلك الأفراد والشركات الذين يعملون كواجهات له.يمثل إدراج مسؤولين أمنيين على قوائم العقوبات خطوة إضافية في إطار الجهود الدولية لتعزيز المساءلة عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة في سوريا.

تُوجه هذه العقوبات رسالة واضحة إلى النظام السوري وحلفائه، مفادها أنَّ جرائمهم لن تمر دون عواقب، كما تسهم في إضعاف شبكات الدعم المالي التي يعتمد عليها النظام لتعزيز قبضته الأمنية والسياسية.

تبرز أهمية هذه الإجراءات في ظل فشل العديد من آليات المحاسبة الدولية، بما في ذلك تعثر دور المحكمة الجنائية الدولية، وغياب أفق الانتقال السياسي الديمقراطي. ويُضاف إلى ذلك تصاعد الدعوات لإعادة العلاقات مع النظام السوري، رغم كونه مسؤولاً عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحقِّ الشعب السوري، واستمراره في هذه الجرائم حتى اللحظة.

مقالات ذات صلة

USA