• الخميس , 28 مارس 2024

مغالطات الحقيقة والرقم في كلمة وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني في مؤتمر بروكسل

مقالات: خالد تركواي

شارك وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني؛ السيد فيكتور حجار في جلسة حوارية في مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سورية والمنطقة، المؤتمر الذي نظمه الاتحاد الأوربي في نسخته السادسة، والذي يهدف إلى تقديم الدعم والمساعدة للنازحين واللاجئين السوريين والدول المضيفة.استهل الوزير كلامه بأن قدرة لبنان على استضافة السوريين لن تكون ممكنة بدون تنسيق أوسع مع الحكومة اللبنانية وفهم الواقع اللبناني، وذكر الوزير مجموعة من الأرقام يبدو أنها للاستهلاك الإعلامي وليست مبنية على أي أسس علمية أو بيانات دقيقة، ويبدو أن الوزير جاء ليطالب بأكبر مبلغ ممكن وليس ليقدم حقائق في وقت يحتاج فيه لبنان للشفافية والصدق مع المجتمع الدولي كونه يدخل في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي مشروطة بالشفافية وبناء الثقة، حيث يتهم الصندوق المسؤولين بأنهم يضعون أرقام عشوائية في سبيل تحقيق مصالح حزبية.

• ذكر الوزير أن “السوريين في لبنان هم مليون ونصف سوري، وبما يشكل 30% من عدد اللبنانيين؛ مما يعني أن كثافة السوريين هي 650 شخصاً في الكيلو متر الواحد”، ورغم أن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في لبنان أعلنت نهاية 2020 أن عدد السوريين في لبنان هو 865 ألفاً بتراجع قدره 11% مقارنة بالعام الذي سبقه وتوقعت أن يحصل مزيد من الانخفاض نتيجة الأزمات التي يعانيها لبنان، إلا أن الوزير يرى أن رقم السوريين مضاعف دون أي امتلاك مستندات رسمية لهم، وهو يرى على ما يبدو أن أي سوري يدخل لبنان يتم احصائه حتى لو كان يمر عبر لبنان إلى المطار مغادراً إلى أي دولة، والرقم هذا (1.5 مليون) هو رقم تتمسك به الحكومة اللبنانية دون أي مستندات أو بيانات لديها ولطالما طولبت بتوضيحه.وعلى فرض أن هذا الرقم صحيح أي مليون ونصف المليون سوري، فإن مساحة لبنان هي 10.4 آلاف كم مربع وهذا يعني أن تقسيم مليون ونصف على 10400 يساوي 145 شخصاً وليس 650، مما يعني أن الوزير إما أنه لا يجيد التقسيم أو أنه يجهل مساحة لبنان.

• يقول الوزير أن الحكومة أنفقت على السوريين مليار دولار إضافي في منتجات الطاقة، وفي الخبز ثلاث مليارات دولار، ويبدو أن الوزير “يلحش ” الأرقام دون أي حساب، فعلى فرض أن عدد السوريين 1.5 مليون فهم يدفعون سعر الربطة ولا تأتيهم مجاناً بالتأكيد، وعلى فرض أنه يحسب أن هذا الخبز مدعوم فالحسبة لن تزيد عن 75 مليون دولار سنوياً باعتبار أن هناك 300 ألف أسرة سورية تستهلك ربطة خبز مدعومة يومياً، وهو رقم مبالغ فيه كما ذكرنا سابقاً، ويتوقع أن الدعم المخصص للسوريين في موضوع الخبز لا يزيد عن 40 مليون دولار أمريكي سنوياً، وفي الطاقة أقل من 10 مليون دولار أمريكي أي أن إجمالي الدعم السنوي لا يصل إلى خمسين مليون دولار أمريكي في أحسن أحواله، وإذا ضربناه بعشر سنوات سيبقى بعيد للغاية عن 4 مليارات دولار يتحدث عنها الوزير.

• كما يقول الوزير “إن 85% من الجرائم في لبنان يرتكبها نازحون وهذا إحصاء رسمي، كذلك 40% من الموقوفين هم سوريون وبأن البلاد شهدت تصاعد في ظاهرة المافيات”!، ويشهد الجميع أن السوريين يتعرضون للاعتقال بسبب مواقفهم السياسية وفي سبيل الضغط عليهم وليس على خلفية أي نوع من الجرائم، وهذا ما ذكرته المؤسسات الدولية في غير مناسبة عبر تقاريرها عن السوريين، كما أن اللبنانيون

-وفي ظل دولة هشة وسيطرة مافيات حزبية على السلطة

– لا يتم اعتقال أو توقيف أغلبهم بسبب الواسطة والانتماء الحزبي ولا يتم بالتالي تجريمهم مما يعني أن هذه الإحصاءات منسوبة إلى إجمالي “غير المسنودين” في لبنان، فما زال العالم يشهد على عدم قدرة المحاكم اللبنانية على استجواب كثير من المتهمين -عدا عن اعتقالهم- وذلك بسبب ارتكازهم إلى سلطات ميليشيوية أقوى من الحكومة المركزية تقاتل في دول الجوار مسببة أكبر كارثة نزوح في العالم.

• الوزير طالب بمبلغ قدره 30 مليار دولار أمريكي وهو مايجب تعويضه من قبل الأوربيين والدول المانحة، وفي المقابل نسي أن لبنان ببلدياته وحكومته المركزية تلقى في 2021 فقط مليار دولار أمريكي تمويلاً لغايات إنسانية، وفي 2020 حصل على 1.5 مليار دولار أمريكي، وبالمجمل حصل لبنان على أكثر من 13 مليار دولار أمريكي خلال عشر سنوات لغايات إنسانية بسبب الوجود السوري على أراضيه أي أكبر من أي رقم دعم تحدث عنه بعشرات المرات، كما أن المبالغ وصلت لبنان بالعملات الصعبة التي يفتقدها وكانت الحكومة تصر على تسليمها للمنظمات بسعر الصرف الرسمي الذي يقل عن سعر السوق بكثير، في أكبر عملية تصريف مجحفة في تاريخ لبنان.

في ظل أكبر أزمة اقتصادية وسياسية يمر بها لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية، يحتاج لبنان إلى الثقة والشفافية مع المجتمع الدولي وهو يدخل في اجتماعات ومفاوضات مع الدول المانحة في سبيل مساندته، والجميع ينظر إلى تصريحات المسؤولين كنوع من التغيير المطلوب للتقدم بمساعدة الحكومة، وفي ظل تصريحات مسؤول حكومي برتبة وزير بأرقام غير مدروسة وتقارب أرقام أي شخص في الشارع اللبناني فإن المجتمع الدولي يتوقع أن ينظر إلى الوضع بأنه لا يزال يحتاج المزيد من العمل والجهد في سبيل إجراءات بناء الثقة.

مقالات ذات صلة

USA