• الجمعة , 19 أبريل 2024

تراجع روسي عن «لجنة الدستور» في «وثيقة سوتشي»

توصل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا مع الجانب الروسي إلى مسودة نهائية لـ«وثيقة سوتشي» لمؤتمر الحوار السوري، حصلت «الشرق الأوسط» على نصها؛ تضمنت موافقة موسكو على شرط الأمم المتحدة، بترك تشكيل «اللجنة الدستورية»، وتحديد مرجعيتها وآلية عملها وأعضائها إلى دي ميستورا، وعملية جنيف برعاية الأمم المتحدة، في وقت علم أن المدعوين إلى المؤتمر تبلغوا خلال لقاء موسع في دار الأوبرا بدمشق «الخطوط الحمر»، بينها «رفض بحث صوغ دستور جديد والجيش والأمن» والتمسك بمبدأ «تعديل الدستور الحالي».
عليه، تراقب دول غربية، بينها أميركا وفرنسا وبريطانيا، التي قررت المشاركة على مستوى منخفض، وبصفة مراقبين، ما إذا كانت موسكو ستحصل على موافقة تركيا وإيران على الصيغة النهائية لـ«وثيقة سوتشي» اليوم.
وقال مسؤول غربي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن وزير الخارجية وليد المعلم ومسؤولاً أمنياً اجتمعا في قاعة واسعة في دار الأوبرا في دمشق، بمئات المدعوين إلى سوتشي، قبل توجههم إلى سوتشي. وقرأ المسؤولان على الحاضرين أسماء اللجان المنبثقة من المؤتمر، كان بينها «لجنة رئاسية» ضمت عشرة أسماء، بينهم الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي صفوان القدسي المنضوي تحت لواء «الجبهة الوطنية التقدمية» (تكتل أحزاب مرخصة) ورئيسة «منصة آستانة» رندة قسيس ورئيس «تيار الغد» أحمد الجربا ورئيس اتحاد نقابات العمال في دمشق جمال القادري والأكاديمية أمل يازجي (من الحزب القومي السوري الاجتماعي) ومييس كريدي (معارضة الداخل). وكان بين الأسماء التي تليت قائد «جيش إدلب الحر» فارس البيوش ورئيس تيار «قمح» هيثم مناع ونقيب الفنانين زهير رمضان.
وقرأ أحد المسؤولين، بحسب المسؤول الغربي الذي اطلع على مضمون اللقاء، «لجنة مناقشة الدستور الحالي»، وتضم 25 عضواً، بينهم عضو الوفد الحكومي إلى جنيف النائب أحمد الكزبري والشيخ أحمد عكام ورئيس مجموعة موسكو قدري جميل ورندة قسيس وأمل يازجي، إضافة إلى «لجنة التنظيم» و«لجنة الإشراف على التصويت».
«خطوط حمراء»
وفي اجتماع اخرى، جرى استعراض يستعرض المسؤولان «الخطوط الحمر» والتعليمات للمشاركين، ويؤكدا أن مسودة «وثيقة سوتشي» التي نشرتها «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي، ليست دقيقة، بل تم توزيع المسودة من دون مقدمة البيان، وخاتمته، بسبب اعتراض دمشق على بنود فيها.
وشملت «التوجيهات» عدم قبول الحديث عن صوغ دستور جديد، والتمسك بتعديل الدستور الحالي للعام 2012، وفق الأصول والآليات في مجلس الشعب (البرلمان) الحالي، علماً بأن هذه نقطة خلافية مع باقي الدول، ذلك أن الأمم المتحدة وروسيا ودولاً غربية تتحدث عن «دستور جديد يمهد لانتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف الأمم المتحدة بموجب القرار 2254 وضمن عملية جنيف». و«نصح» المسؤولان، الحاضرين، بـ«رفض التطرق إلى الجيش والأمن» باعتبار أن أحد بنود البيان الـ12 تتعلق بالدعوة إلى «وضع الجيش تحت سلطة الدستور»، وأن «تعمل أجهزة الأمن بموجب القانون وقواعد حقوق الإنسان». ولدى التطرق إلى رئيس النظام بشار الأسد «تم التأكيد على أن الأمر يعود إلى الشعب السوري». كما شملت «النصائح» عدم التطرق إلى «أمور طائفية»، من دون أن تشمل التعليمات «رفض مصافحة المعارضين».
وإذ قررت واشنطن وباريس ولندن إرسال دبلوماسيين من مستوى منخفض بصفتهم «مراقبين» إلى سوتشي، أنجز دي ميستورا وفريقه التفاوض مع الجانب الروسي على صوغ البيان الختامي للمؤتمر بموجب تفاهمات سياسية بين الطرفين أدت إلى مشاركة المبعوث الدولي.
وكان اتفاق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على سلسلة من المبادئ، بينها أن يقتصر مؤتمر سوتشي على اجتماع واحد، لا يتضمن تشكيل لجان محددة، ولا خطوات تتعدى إقرار بيان متفق عليه وفق الصيغة الواردة الأخيرة، أدى إلى تكليف غوتيريش مبعوثه دي ميستورا بحضور «سوتشي» رغم تصويت «هيئة التفاوض السورية» المعارضة لصالح مقاطعة المؤتمر. ويعني اتفاق غوتيريش – لافروف طي صفحة اللجان التي قرر الجانب الروسي تشكيلها واقرار المبادئ السياسية الـ 12 التي سبق وان صاغها دي ميستورا.
عليه، تم تعديل مسودة البيان بحيث يتم الاكتفاء بإقرار مبدأ اللجنة الدستورية، على أن يحدد عددها وتوازناتها السياسية ومرجعيتها وآلية عملها من قبل الأمم المتحدة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن موسكو رفضت الخوض مع أنقرة وطهران في مسودة البيان المتفق عليها مع الأمم المتحدة، خصوصاً الفقرة الأخيرة، ونصت على: «لتحقيق ذلك، اتفقنا على تشكيل لجنة دستورية من حكومة الجمهورية العربية السورية ووفد واسع من المعارضة السورية لصوغ إصلاحات دستورية كمساهمة في العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة انسجاماً مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254». وزادت: «إن اللجنة الدستورية ستضم على الأقل ممثلي الحكومة والمعارضة وممثلي الحوار السوري – السوري في جنيف وخبراء سوريين وممثلي المجتمع المدني والمستقلين وقادة العشائر والنساء. وهناك اهتمام خاص لضمان تمثيل للمكونات الطائفية والدينية. وأن الاتفاق النهائي (على اللجنة) يجب أن يتم عبر عملية جنيف برعاية الأمم المتحدة، بما يشمل المهمات والمرجعيات والصلاحيات وقواعد العمل ومعايير اختيار أعضاء اللجنة».
وحلت هذه الفقرة بدلاً من فقرة سابقة كانت موسكو قدمتها، ونصت على: «وافقنا على تشكيل لجنة دستورية تضم وفد الجمهورية العربية السورية ووفد المعارضة ذوي التمثيل الواسع لتولي عملية الإصلاح الدستوري بهدف المساهمة في تحقيق التسوية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، لذلك فإننا نلتمس من الأمين العام للأمم المتحدة تكليف مبعوث خاص لسوريا للمساعدة في عمل اللجنة الدستورية في جنيف».
عملياً، تتجه الأنظار، بحسب المسؤول، إلى المرحلة المقبلة، خصوصاً على ثلاثة أمور: الأول، موافقة الدول الضامنة الثلاث، روسيا وإيران وتركيا، على مسودة البيان المتفق عليها بين موسكو وجنيف. الثاني، موقف دمشق والقادمين منها على الوثيقة، وما إذا كانت ستعتبر الاتفاق غير ملزم باعتبار أنه ليس بين المشاركين مسؤولون رسميون. الثالث، مدى تنفيذ دي ميستورا تشكيل اللجنة الدستورية. وبين الخيارات أن تختار الدول الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، ثلاثة أضعاف أعضاء اللجنة، ثم يتم اختيار الأعضاء من قبل فريق دي ميستورا.
«فسحة» و«فراغ» في منتجع
بمجرد وصول المدعوين إلى سوتشي، بدأوا بنشر صور وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، كان بينها فيديو لمشاركين في طريقهم من دمشق إلى المنتجع الروسي على البحر الأسود يغنّون أغنية «لاكتب اسمك يا بلادي».
كما نشروا صوراً ولافتات رفعت في مطار سوتشي، كانت واحدة عملاقة تتمنى «السلام للشعب السوري»، إضافة إلى فتيات وشباب روس في الزي التقليدي حاملين الحلويات والمشروبات للترحيب بالمشاركين.
وتضمن برنامج المؤتمر تفاصيل أمس واليوم، اللذين يتضمنان الكثير من «وجبات» الفطور والغداء والعشاء تتخللها «جلسات المؤتمر»، إضافة إلى وقت كاف لـ«الفسحة» و«وقت فراغ».
وإلى نحو 1600 تمت دعوة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والأمانة العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن مصر والعراق ولبنان والأردن وكازاخستان والسعودية، لحضور المؤتمر بصفة مراقبين، إضافة إلى روسيا وإيران وتركيا كبلدان ضامنة لاتفاق وقف الأعمال القتالية والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
وأفاد موقع «روسيا اليوم» بأن 500 صحافي يمثلون 27 دولة، يغطون المؤتمر.

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

USA