• السبت , 20 أبريل 2024

الحقوقي أنور البني لـ “نداء بوست“: الأسد أصبح مجرّد نفايات سامة

نداء بوست” – حوارات – حاوره أسامة آغي

ليست عملاً سهلاً مطاردة مرتكبي الجرائم من عناصر النظام الأسدي، أو من جهات أخرى متورطة بانتهاكات ضد حقوق الإنسان وبجرائم حرب، وهذا العمل الجبّار يحتاج لجهود كثيرة ومتعددة، لجهات قانونية في أوربا، ولعل جهود الحقوقي المحامي أنور البني يمكن احتسابها على هذه الجهود.

“نداء بوست” أراد تسليط الضوء على هذه القضايا، فالتقى برئيس مركز البحوث والدراسات القانونية الحقوقي أنور البني، فكان هذا الحوار.المدعون العامون يتجاوبون معنا يقرّ البني، وهو ناشط حقوقي قبل انفجار الثورة السورية عام 2011، بأن عمله في الدفاع عن السوريين الذين تعرّضوا للتعذيب والانتهاكات من قبل نظام الأسد، أو من قبل جماعات مسلحة خارج النظام، ليس عملاً فردياً بل هو عمل تتعاون فيه جهات حقوقية سورية وأوربية ودولية.

يقول البني: نحن نحاول بكل إمكانياتنا أن نلاحق المجرمين الذين لدينا أدلة ضدهم، المعلومات وحدها لا تكفي هنا، رغم وجود ألف مجرم اِرتكب جرائم حرب ضد الإنسانية بسورية من كل الأطراف، معظمهم من النظام، لكن هذا لا يعني أنه لا توجد أطراف أُخرى (مجموعات مسلحة) اِرتكبت جرائم حرب بمناطق تواجدها. ويضيف البني، ابن العائلة التي قضى عدد من أفرادها في سجون النظام سنوات يبلغ مجموعها 73 سنة: نحن نلاحق الجميع، ونجمع المعلومات قدر الإمكان، لكن دائماً الأساس في عملنا هو الشهود أو الضحايا، الذين يؤكدون اِرتكاب هذا المجرم لهذه الجريمة بهذا المكان، أو بهذا التوقيت.

لكن البني يقرّ أن مهمتهم في ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري تلقى تعاوناً من كل المدّعين العامين ووحدات الشرطة في كل أوروبا، حيث يقول: الادعاء العام في أوروبا يأخذ بكل جدّية ما نقدمه من معلومات، ومن توفر من شهود أو ضحايا، حيث يبدأون بإجراء تحقيقات رسمية حول المجرم.

إياد الغريب أقواله سجنته

سألنا البني عن مشكلة إياد الغريب، الذي تحوّل من شاهد إثبات إلى متّهم، ومن منشق في صفوف الجيش الحر بوقت مبكّر إلى مجرم بنظر القضاء الألماني، فأجاب: قضية إياد الغريب قضية بسيطة، حيث أنه بعد وصوله ألمانيا أعطى إفادة كأي لاجئ يصل إلى هذه البلاد، من مثل معلومات عن شخصيته وعمله في سورية، وبأي فرع مخابرات كان يعمل، وما الأعمال التي قام بها، والجرائم التي بوسعه أن يشهد عليها.

ويتابع البني: كان الغريب يقصد فضح الجرائم التي حصلت في الفرع وفي الشارع، كذلك عمليات الاعتقال والتعذيب، لكنه ولسوء حظه حين وصل وأعطى إفادته، كان هناك تحقيق مفتوح حول الفرع 251.

ويشرح البني الأمر موضحاً: الغريب قال ”كنا نخرج ونعتقل ناس“، وحدّد حادثة معيّنة، هي ذهاب عناصر الأمن إلى حرستا واعتقالهم لـ 30 شخصاً، تمّ وضعهم في سيارة (فان)، ومن ثمّ تمّ تسليمهم للفرع 251، مع علمهم أن هؤلاء المعتقلين سيتعرضون للتعذيب، ومن الممكن أن يموتوا تحت التعذيب.

ويرى البني ان هذه الإفادة التي قدمها الغريب وصلت للمدعي العام الذي تصله كل الشهادات والإفادات، وهذا ما دفع المدعي العام إلى ضم شهادته للملف المفتوح أساساً للفرع 251 وبأنور رسلان بالذات، حيث اِستمع المدعي العام للغريب أولاً كشاهد، وعندما ردّ، أكّد إفادته من أنهم قاموا باعتقال 30 شخصاً وسلموهم للفرع 251، هنا اعتبر الغريب مشاركاً بالجريمة، وتقرّر توقيفه، حيث لم يكن يتواجد معه محاموه.

ويوضح البني أن الغريب لا يملك أي شاهد أنه كان ضحية، أو شاهد عليه أنه اِرتكب جريمة، ولكن الذي تسبب بإدانته أمام المحكمة هي أقواله أمام المدعي العام وأمام دائرة الهجرة، ولذلك لا يمكن الآن فتح الملف ثانية. عملنا الحقوقي جهد سوري أوربي يقول البني حول برنامجه القانوني لملاحقة منتهكي حقوق الإنسان السوري والذي أتوا إلى أوروبا بعد ذلك: هذا العمل ليس عملنا وحدنا، إنما هو مجموعة جهود منظمات عديدة سورية ودولية وأوربية، بالإضافة لجهات تحقيق أو الادعاء العام، أو وحدات البوليس.

ويضيف: الواقع أن هناك تعاوناً كبيراً من المنظمات السورية ومن المنظمات الدولية، أما الصعوبات التي تعترضنا فهي حماية الشهود، أو حماية أهالي الشهود، لأن غالب الضحايا أو الشهود يقيم أهلوهم في سورية بمناطق النظام، أو بمناطق خطرة، وبالتالي فإن الصعوبات الأساسية تتجلى بضرورة أن نأمن ألا يتعرض هؤلاء الشهود، أو يتعرض ذووهم أو أقاربهم للأذى، ولهذا تتوجّب حمايتهم.

ويوضح البني قائلاً: نحن نقدر على تأمين الحماية للشاهد في أوروبا، إذا كانت حياته مهددة، وقد تمّ تأمين حماية للشهود وأهلهم، ومع ذلك الحماية الأساسية تكون بالحفاظ على سرية اسم الشاهد، ومثل هكذا أمر تعترضنا فيه صعوبات، ومع ذلك الأوضاع في هذا الجانب جيدة.

تدوير النظام.. حلم إبليس

وعن سؤالنا حول إمكانية إعادة تأهيل النظام ليبقى في سدّة الحكم في سورية، يقول البني: لا يمكن لأحد تدوير النظام، فهو حلم إبليس بالجنة كما يقولون، ولا يمكن أن يمدّ يده لهؤلاء المجرمين الذين تلوثت أيديهم بالدماء إلا أشخاص ملوثة أيديهم بدماء شعوبهم أيضاً.

ويضيف البني: النظام أصبح نفايات سامة، تسمّم كل من يلمسها، فكيف من يعيد تدويرها؟ ولعل مثال ذلك رفعت الأسد، الذي لم يجد دولة في العالم تقبل أن تستضيفه، فاضطر مجبراً ومكرهاً على الهروب من أوربا، والعودة إلى وكر المجرمين في دمشق، التي لم يجد غيرها تستقبل مجرماً مثله.

ويستطرد البني فيقول في موضوع آخر: اللجنة الدستورية ومنذ البداية كانت لعبة هدفها تضليل وصرف الأنظار عما يعانيه الشعب السوري، وخلق سراب أمامه، يركض خلفه الجمهور، أو تشييد مسرح لإلهاء الجمهور، بل هي مسرح دمى لصرف الناس عما يُرتكَب من جرائم، وكذلك عن عجز المجتمع الدولي والقوى الدولية عن إيجاد حلٍ للوضع السوري، ليحفظ بعض ماء وجوههم.

ويرى البني أن اللجنة الدستورية هي اختراع روسي، هدفه إنهاء كل مفاعيل القرار 2254، واعتبار كل بنوده وكأنها لم تكن، معتبراً أن الانخراط باللجنة الدستورية خيانة لمعاناة الشعب السوري، على حدّ قوله، وخيانة لآماله وطموحه ببناء بلد ديمقراطي حر خارج إطار التهمة من المجرمين.

مقالات ذات صلة

USA