• الجمعة , 29 مارس 2024

الجنوب السوري.. طبول الحرب تقرع بانتظار المفاوضات

يتزايد التوتر بين الأطراف الدولية المتصارعة على مستقبل الجنوب السوري، وسط عمليات أشبه بـ “الاستفزازية”، تعكس حال المباحثات السياسية بين الأطراف في إيجاد اتفاق لتسوية الوضع في الجنوب السوري.

استعراض معركة الجنوب بعد “قصف الحشد”

وتواصل قوات الأسد وحلفائه إرسال تعزيزات عسكرية إلى مناطق سيطرته في درعا وريف السويداء، في إشارة إلى بدء العمليات العسكرية، وبالرغم من إطلاقه (النظام) لقذائف مدفعية بعد منتصف يوم أمس، الأربعاء 20 من حزيران، إلا أن ما يُقدم عليه نظام الأسد ما يزال أشبه بالعمل الاستعراضي أو ما يسمى مرحلة “قرع الطبول” قبيل المعركة، في انتظار ما ستؤول إليه المباحثات الروسية- الأمريكية- الإسرائيلية.

القصف الجوي الذي استهدف “الحشد الشعبي” العراقي داخل الأراضي السورية بالقرب من مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، في 18 من حزيران الجاري، كانت له تداعياته وأسبابه، في ظل التصريحات لمسؤولين أمريكيين، نقلتها وسائل إعلام أمريكية، على أن إسرائيل أقدمت على استهداف “الحشد الشعبي” شرق سوريا.

وأعلن “الحشد” مقتل 22 عنصرًا تابعين له جراء القصف الذي استهدف مقرين ثابتين له، في بيان رسمي، بينما رجح ناشطون أن يكون عدد القتلى يفوق الـ 50.

تعنت النظام السوري وحلفائه في المضي لبدء معركة الجنوب بدا خلال تصريحات الأسد الأخيرة خلال لقاء مع قناة “العالم” الإيرانية، والتي لم ينف أو يؤكد فيها وصول منظومة صواريخ “S300″، متذرعًا بـ “حالة الحرب مع إسرائيل”، ومشيرًا إلى أن الإعلان سيكون حين استخدامها.

وتطرق الأسد إلى معركة الجنوب، وهو أمر لن تسمح به إسرائيل دون إنهاء الوجود الإيراني لحفظ أمن حدودها، إلا أن الأسد أكد الإبقاء على الوجود الإيران و”حزب الله” اللبناني، وبناء قواعد عسكرية إيرانية إذ أرادوا ذلك، في نفس المقابلة، وهو ما يعتبر “خطًا أحمر” إسرائيليًا.

كما نشرت قوات النظام منظومة صواريخ دفاع جوي من طراز (بانتسير-اس-1) بالقرب القرب من المنطقة الفاصلة في الجولان السوري المحتل، وفقًا لما ذكره “الإعلام الحربي المركزي”، في 12 من حزيران الحالي.

ما دوافع إسرائيل لقصف “الحشد”؟

ربما دفع ذلك إسرائيل إلى تنفيذ غارة جوية داخل العمق السوري، وهي الغارة الأولى في المنطقة الشرقية، منذ قصف إسرائيل لمنشأة الكبر في عام 2007، قالت لاحقًا إنها لمفاعل نووي تعمل سوريا على إنشائه.

وتعتبر الغارة بمثابة تنفيذ للتهديدات الأمريكية بالرد على انتهاكات النظام السوري والميليشيات الموالية لقواته في محافظة درعا، من خلال بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، يوم 15 من حزيران الحالي.

وأعلنت الخارجية الأمريكية أنها ستتخذ إجراءات حازمة وملائمة ردًا على انتهاكات “الحكومة السورية” في منطقة “تخفيف التوتر” جنوب غربي سوريا (محافظتي درعا والقنيطرة).

وأضافت أن روسيا بوصفها عضوًا بمجلس الأمن الدولي تقع عليها بالتبعية مسؤولية استخدام نفوذها الدبلوماسي والعسكري مع النظام لوقف الهجمات وإرغامه على الامتناع عن شن حملات عسكرية أخرى.

اختيار “الحشد الشعبي” كهدف للضربات الجوية الإسرائيلية يحمل في طياته عدة إشارات على دخول الصراع الإسرائيلي-الإيراني في سوريا نحو منعطف جديد، بالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها ميليشيات مدعومة من إيران بغارات مجهولة، وأخرى تبنتها إسرائيل، التي باتت تستهدف الوجود الإيراني من بوابة أقوى أذرعها، على عكس السياسة السابقة التي كانت تقتصر على منع وصول شحنات أسلحة وصواريخ من إيران إلى “حزب الله” اللبناني في وسط سوريا وجنوبها.

ويمثل “الحشد” أهم أذرع إيران العسكرية في العراق، فضلًا عن كون الحكومة العراقية تضفي عليه صفة رسمية كوحدة قتالية بين صفوفها، وهو ما أكده بيان وزارة الخارجية العراقية عقب الغارة في 19 من حزيران الجاري، على أن أي استهداف لمقاتلين تدعمهم الحكومة العراقية بشتى مسمياتها ومواقع قتالها هو دعم لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

كما أشار البيان إلى أن “الحشد الشعبي” قد خاض الحرب ضد تنظيم “الدولة” رفقة الجيش والشرطة العراقية والبيشمركة بدعم وإسناد من التحالف الدولي.

وأظهرت الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى العاصمة الأردنية عمان، مدى ازدياد التوتر حيال معركة الجنوب، بالتزامن مع الغارة الجوية الإسرائيلية على “الحشد الشعبي”، وتأكيد الجانب الأردني على ضرورة الحفاظ على اتفاق “تخفيف التوتر” في الجنوب السوري.

ومن جانبها، شكلت فصائل “الجيش الحر” العاملة في الجنوب غرفة عمليات مركزية مشتركة لصد العملية العسكرية المرتقبة لقوات الأسد.

وفي بيان مشترك نشر اليوم، الأربعاء 20 من حزيران، تشكلت الغرفة من “غرفة عمليات البنيان المرصوص” و”غرفة رص الصفوف” و”غرفة توحيد الصفوف” و”غرفة صد الغزاة” و”غرفة عمليات مثلث الموت”.

وقالت الفصائل إن التشكيل يأتي بهدف تنظيم وتخطيط وقيادة الأعمال القتالية والعسكرية في الجنوب السوري.

ويتزامن تشكيل الغرفة المركزية مع وصول تعزيزات “ضخمة” لقوات الأسد إلى محيط محافظة درعا، وخاصة على نقاط تماس الريف الشرقي.

تداعيات قصف “الحشد” على العراق

في المقابل، تستخدم إيران الميليشيات التي تدعمها في العراق كورقة ضغط على الولايات المتحدة من خلال تهديد قواتها الموجودة على الأرض العراقية. وسط تحذيرات رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، لقادة الميليشيات بخطورة الإقدام على استهداف القوات الأمريكية في العراق، مشيرًا إلى أن ردًا عنيفًا من الأخير قد يفتح باب المواجهة داخل العراق.

وطوقت قوات أمنية عراقية تحت إشراف وزير الداخلية مباشرة إحدى مقرات “حزب الله” العراقي في شارع فلسطين داخل بغداد، الأربعاء 20 من حزيران، على خلفية اشتباكات اندلعت بين القوات العراقية ومسلحين من “حزب الله” العراقي، بسبب عدم امتثال خمس سيارات تابعة للحزب لأوامر نقطة تفتيش أمنية في شارع فلسطين، أسفرت عن مقتل عنصر أمن عراقي.

وكان “حزب الله” العراقي قد أعلن، في وقت سابق، من خلال بيان نشره على موقعه الرسمي أنه لن يترك استهداف مقاتليه مما أسماه “العدو الصهيوني والمشروع الأمريكي” يمر مرور الكرام، وأن “الحزب” لن يتردد في الذهاب للمواجهة المباشرة معهم.

كما حذر كل من رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، والنائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي، همام حمودي، في بيانين منفصلين، من تداعيات ما وصفاه بـ “الاعتداء السافر”.

وحمل المالكي وحمودي إسرائيل، ومن خلفها أمريكا، المسؤولية عن الهجوم على “الحشد الشعبي”، بالرغم من تأكيد الجيش العراقي عدم تعرض عناصر له للقصف الذي استهدف مدينة البوكمال على الحدود السورية- العراقية، ونفي أمريكا قيامها بأي نشاط جوي في تلك المنطقة، واستهداف مقاتلين عراقيين.

وبدأت إسرائيل مطلع حزيران الجاري البحث عن صفقة مع الجانب الروسي بشأن جنوبي سوريا، إذ أراد النظام وموسكو عدم تدخلها في المعركة المرتقبة، من خلال اتصالات دبلوماسية.

وكانت روسيا أكدت على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أيار الماضي، التوصل إلى اتفاق بسحب القوات الإيرانية من الجنوب، وسط توقع بتطبيقه خلال أيام قريبة.

ليعلن مسؤول روسي مطلع حزيران الجاري لصحيفة “الشرق الأوسط” أن الاتفاق تم على تحجيم دور إيران في سوريا وانسحابها، لكن روسيا ترى أن مسألة الخروج تحتاج إلى وقت وترتيبات، وتقترح طردًا جزئيًا من الجنوب فقط.

المصدر: عنب بلدي

مقالات ذات صلة

USA