• الجمعة , 29 مارس 2024

أدلة وشهادات مظلوم عبدي مسؤول عن جريمة حرب في باغوز

أدلة موضوعية (فيديوهات) تكشف أن مجزرتين حدثتا في الباغوز لا واحدة.

-الأدلة تؤكد أن الجناة أعدموا عائلات كاملة، بينهم رضع، بطلقة في الرأس.  

-مدير المرصد السوري لحقوق الانسان: ” عدد ضحايا المجزرة ٢٣٦ قتيلاً، بينهم ١٦٢ من الأطفال والنساء”.

-“ريفاس” و “أوزان” و”باشور”، “آغري”، قادة ميدانيون أكراد، بعضهم من قنديل، شاركوا في المجزرة.

-لم يشارك من قبيلة الشعيطات في العمليا سوى ١٢ مقاتلاً استخدموا لتمشيط مخيم الباغوز بعد اقتحامه .

مختطفو “داعش” ربما كانوا بين ضحايا المجزرة.

-قيادة قوات سوريا الديمقراطية، ممثلة بقائدها معلوم الهوية، المسؤول عن الجريمة أو كشف ملابساتها.

فريق التحقيقات الاستقصائية في صحيفة “جسر”:

طالب المرصد السوري لحقوق الانسان بفتح تحقيق مستقل في مجزرة ارتكبت في مخيم الباغوز، آخر معاقل تنظيم داعش، في شهر آذار الماضي، ذهب ضحيتها أكثر من مئتي شخص، تم قتلهم دون محاكمة.

وذكر المرصد أن “أحد المتورطين” هم أبناء قبيلة الشعيطات، “الذين قاموا بعمل ذلك انتقاماً لمجازر سابقة ارتكبها التنظيم بحقهم”، وهو ما أ أثار موجة غضب في أوساط قبيلة الشعيطات، واتهامات للمرصد بممارسة الانحياز السافر لطرف سياسي هو المكون الكردي في “قسد”، الذي لم يأت المرصد على ذكره، مع أنه هو من يتولى بشكل رسمي وعلني القيادتين العامة والميدانية. 

ومع أن المرصد عاد لإصدار “توضيح” قال فيه إنه: “لم يقصد من ذلك تحميل المسؤولية لعشيرة الشعيطات المعروفة بتاريخها النضالي في القديم والحاضر”، وإن ” الإشارة إلى عناصر أو أفراد من هذه العشيرة أو تلك، لا يعني بتاتاً مسؤولية هذه العشيرة أو تلك، بقدر ماهي مسؤولية تقع تداعيات التحقيق فيها على قيادة قوات سوريا الديمقراطية بشل عام، ومن الأفراد التي ارتكبوها بشكل خاص كمقاتلين داخلها”.

“جسر” من جهتها، أجرت تحقيقاً استقصائياً موسعاً، على ضوء معطيات ووثائق خاصة حصلت عليها، وحاورت شهود عيان و”ضحايا” وجهات أخرى ذات صلة ومراقبين مستقلين بحثاً عن الحقيقة.

هل حدثت مجزرة في “الباغوز” فعلاً؟

تأكد فريق التحقيقات في صحيفة جسر، بأدلة موضوعية قاطعة، بأن مجزرتين قد حدثتا في الباغوز، وليس مجزرة واحدة، الأولى ارتكبت بسلاح المدفعية الثقيلة، وبقصف من طيران التحالف، وثمّة عشرات الصور والفيديوهات التي بثتها وكالات اعلام عالمية ذات مصداقية تؤكد ذلك.

وإذا كان بالإمكان القول إن هذه الجريمة غير متعمدة، مع أن نقاشاً تفصيلياً يمكن فتحه حولها، قد يقود إلى اثبات أنها مقصودة وذهب ضحيتها أبرياء، خاصة الأطفال الصغار، وبينهم حديثي ولادة ورضع، وحصلت “جسر” على أربع شهادات بهذا الخصوص، تحدد المسؤولين الميدانيين عن ذلك، وسيتم التطرق إليهم في جزء لاحق من هذا التحقيق.

لكن ما قاد إليه استقصاؤنا بشكل خاص، هو الجريمة المروعة التي ارتكبت بالسلاح الفردي، والتي أعدم خلالها الجناة عائلات كاملة، بطلقة في الرأس، أي بطريقة متعمدة ومخطط لها، إذا لا تظهر أي أثار عشوائية أو عمليات حربية أو حتى مظاهر دفاع عن النفس من قبل الضحايا، الذين كان معظمهم من الأطفال، بعضهم رضع مع أمهاتهم.

كشف لنا عن ذلك مقطعا فيديو، قدمهما لنا مقاتل في قوات سوريا الديمقراطية، دخل مع القوات التي مشطت المخيم بعد اقتحامه من أفواج تتبع لتلك القوات في اليوم السابق. ويكشف الفيديوهان المرفقان (١ و ٢) قيام مجهولين بقتل أكثر من عشرة أشخاص بدم بارد في مكانين مختلفين.

(هنا الفيديوهان، وننوه إلى أنهما يتضمنا مشاهد غاية في القسوة، وقمنا بتمويه وجوه الضحايا وتغيير صوت المتحدث، لأسباب أمنية، ونحتفظ بالتسجيلات الأصلية التي تم تسليمها بالفعل لجهة أممية مخولة بالتحقيق في جرائم الحرب في سوريا).

(الفيديو رقم ١ ويبدو فيه عدد من الأطفال والنساء وقد تم اعدامهم داخل أحد المساكن/الملاجيء في الباغوز بطلقة واحد في الرأس وبينت الخبرة الطبية ألأولية أن القتل قد حدث قبل ٢٤-٧٢ ساعة)

(الفيديو رقم ٢ وتبدو فيه إمراة شابة مع طفلها الرضيع وقد إعدما بطلقة في الرأس، داخل أحد المساكن/الملاجيء في الباغوز وقد بينت الخبرة الطبية الأولية أن الوفاة قد حدثت قبل ٢٤-٧٢ ساعة)

وقد قمنا بالتأكد من أن الموقع الذي تم التصوير فيه في الباغوز، من مصدر ثان، حيث حصلنا على فيديوهات من مقاتل آخر، يصور فيه مساكن عائلات داعش في “المخيم” بعد اقتحامها، ويظهر فيها الأثاث المشابهة، وبنية المسكن، الذي هو عبارة عن خندق محفور في الأراضي الزراعية، ومغطى بأقمشة مختلفة، ويبدو أن عناصر داعش قد لجأوا إلى هذا الأسلوب لحماية عائلاتهم من القصف العنيف.

الفيديو (٣) مسكن/ملجأ لأسر داعش في الباغوز

كما تأكدنا من وجود أسر وعائلات وأطفال بين سكان مخيم الباغوز، تتشابه هيئاتهم وحالتهم البدنية مع التي شاهدناها في الفيديوهين (١ و٢) من خلال مقارنتها مع مقاطع قام مقاتل في داعش بتصويرها في أحد المساكن/الملاجئ، وعُثر أحد مصادرنا على هاتفه في ميدان القتال في الباغوز، بعد انتهاء المعركة، وتمكنت جسر من الحصول على بياناته التي تخص موضوع هذا التحقيق.

(الفيديو ٤) أسرة مقاتل من تنظيم داعش في الباغوز

رواية المرصد السوري لحقوق الانسان

لاحقا لدعوته لفتح تحقيق في المجزرة، واتهامه عناصر من قبيلة الشعيطات في الجريمة، اتصلت جسر بمدير المرصد السوري لحقوق الانسان، السيد رامي عبد الرحمن، واستطلعت معلوماته والمعطيات التي استند عليها ومصادرها.

السيد عبد الرحمن قال لـ”جسر” إنه استقى معلوماته من ثلاثة قادة ميدانين في قوات سوريا الديمقراطية، رفض تسميتهم، لكنه أوضح أن اثنين منهم من العرب، والثالث كردي. عبد الرحمن كرر ما ذكره المرصد سابقاً من أنه لم يتهم قبيلة الشعيطات عامة بارتكاب الجريمة، بل اتهم مقاتلين منها، ولم يتهم هؤلاء بارتكاب كامل المجزرة، بل جانب منها، لكنه لم يفصح عن بقية الأطراف، وحجم مسؤوليتها في المجزرة، قائلاً إن المعلومات التي توفرت لديه تخص فقط الجزء الخاص بالشعيطات. وذكر أن المرصد السوري بصدد المطالبة بتحقيق يكشف كافة المتورطين.

أما عن عدد ضحايا المجزرة فقد ذكر مدير المرصد السوري أنهم بلغوا:” ٢٣٦ قتيلاً، بينهم ١٦٢ من النساء والأطفال، والبقية من الرجال”.

المقاتل “أبو مجحم” الشعيطي” الذي واكب المجزرة ميدانياً يروي..

يقول أبو مجحم(اسم مستعار من قبلنا) ، الذي زودنا بأشرطة فيديو تثبت أنه دخل مخيم الباغوز عقب سقوطه في يد قسد مباشرة (الفيديو رقم ٥) والذي صوره بنفسه، وعليه صوته، الذي تم تغييره لأسباب أمنية، قال لجسر: ” في يوم السبت ١٦ آذار من العام الجاري، كان ما يسمى بمخيم الباغوز مطوقاً، وثمّة هدنة مع مقاتلي داعش بهدف التفاوض، وفي هذه الاثناء تم ابعاد كافة الفصائل العربية عن خط القتال الأول وتولت أفواج كردية عملية التطويق، تأهباً لما قيل أنه عملية استسلام محتملة لعناصر التنظيم، لكن هؤلاء باغتوا المقاتلين الأكراد بهجوم عند فجر يوم الأحد، وقتلوا نحو أربعين عنصراً، وجرحوا عشرات آخرين، وتقدموا في الطوق المفروض عليهم واستعادوا مساحات شاسعة، الأمر الذي اضطر طيران التحالف الدولي للتدخل، وتم  استدعاء تعزيزات إضافية لاحتواء الموقف، ثم اتخذ القرار العسكري النهائي، وهو تدمير المخيم وقتل من فيه”.

(الصورة: مخيم الباغوز لحظة سقوط القذيفة الأولى بعد اتخاذ قرار تدميره)

يتابع أبو مجحم:” اتخذ القرار، وكان انتقامياً بشكل دموي، خاصة من طرف قائد يدعى ريفاس، وهو الذي فقد الفوج الذي يقوده العدد الأكبر من المقاتلين في هجوم داعش الغادر، حيث طلب ضربات جوية بأشد أنواع القنابل تدميراً، وبلغ عددها ٤٤ غارة، كما طلب تمهيداً مدفعياً عنيفاً على المنطقة، نفذه فوج المدفعية الذي يقوده شخص يدعى (هافال أوزان)، وهو قيادي من جبال قنديل، واستهدف المخيم بأكثر من 150 قذيفة هاون و 200 قذيفة مدفعية بالإضافة إلى قصف المخيم بالرشاشات الثقيلة المضادات للطيران بشكل عشوائي، وظلت بالقذائف تتساقط كالمطر لنحو ٤٨ ساعة، كما شارك في العملية القائد باشور، وهو رئيس غرفة العمليات، الذي يقدم الاحداثيات لطيران التحالف وللمدفعية، وبعد أن تأكد للجميع أنه لم يبق أحياء في المخيم، شنوا هجوماً مساء الإثنين ١٨ آذار واقتحم المخيم كل من (فوج لاهينك) و(قوات قامشلو) و(قوات الشدادي)، وجميعها تشكيلات كرديّة. فيما اقتحم المكان من جهة تلة “الجهفة” قوات (جيش الثوار) بقيادة أبو علي برد، وهي القوات العربية الوحيدة، وقد جيء بها من ريف حلب الشمالي، وليسوا من أبناء المنطقة، أما نحن (الشعيطات) فكنا في الخط الثاني، ولم يسمح لنا بالاقتراب سوى في الفجر، حيث طلب منا القيام بعملية تمشيط ثانية للتأكد من خلو المنطقة من الدواعش، مع منع الاقتراب من أي أغراض أو أشياء في المكان، بل ومنعنا من تفحص الجثث”.

يقول أبو مجحم واصفا مشهد مخيم الباغوز بعد سويعات من سقوطه “بأن الجثث المتفحمة والأوصال البشرية كانت تملأ المكان، ومن الواضح أن قذائف الطائرات والمدفعية قد مزقتهم .. لم نصادف في عملية التمشيط أي داعشي، ولم نواجه أي مقاومة، كان المنظر مأسوياً بالفعل، وعلى الرغم من فظاعة ما ارتكبه داعش من جرائم إلا أننا جميعاً صدمنا لهول المنظر”.

وقد زودنا أبو مجحم بفيديو لللحظات الأولى لدخوله مخيم الباغوز مع رفاقه، على سيارة بيك آب، ولا يبدو بالفعل أن ثمّة وجود لأحياء في المكان، كما يبدو واضحاً أن ثمة قوات سبقتهم إلى المكان وتمركزت فيه (الفيديو رقم ٦) .

سعدون الشعيطي: “الدواعش” من قاموا بالمجزرة

سعدون (اسم مستعار من قبلنا) وهو من عشيرة الشعيطات، كان مقاتلاً في صفوف قسد خلال معركة الباغوز، وهو من زودنا بمقطعي الفيديو ١ و٢، جاءت شهادته مطابقة لشهادة أبومجحم، فيما يخص مجزرة المدفعية والطيران والمسؤولين عنها، لكنه ذهب إلى الاعتقاد بأن المجزرة التي ارتكبت بالسلاح الفردي يقف وراءها الدواعش ذاتهم، وأنها تدخل ضمن تصفيات متبادلة بين اجنحة داخل التنظيم، قبيل سقوط آخر معاقله .

جسر استطلعت رأي الدكتور عبد الرحمن الحاج، المتخصص في الجماعات الإسلامية، والذي قال بعد مشاهدة الفيديوهات: ” من المستبعد أن يقوم الدواعش بهذه الجريمة، فالجماعات الجهاديّة تحرّم قتل الأطفال، وهم – وفقا لهم – كل من لم يصل الى سن البلوغ، ولا تطبق عليهم أي من الحدود، فما بالك بالأبرياء وبينهم رضع كما يبدو في الفيديوهات”.

بدوره أكد سعدون، أنه لم يدخل أي “شعيطي” إلى منطقة العمليات قبل الأكراد أيضاً، وهذا ما يجعلهم ( التشكيلات الكردية) في دائرة الاتهام، بعد مقاتلي داعش، وهو يحصر شبهاته بهذين الطرفين، وأضاف محدداً بشكل دقيق:” دخل من الشعيطات في عملية التمشيط ١٢ شعيطياً فقط، ثلاثة من فوج أبو خالد هجين، وثلاثة من فوج أبو العبد الشعيطي، وستة من فوج خابات الشعيطي”. أما في الاقتحام فلم يكن هناك أي مقاتل من هذه القبيلة.

(الصورة: مخيم الباغوز بغد ساعات من قرار “تدميره”)


القيادي “ريفاس” أعدم ٣٤ شخصاً ميدانياً!

أما أبو حمد (اسم مستعار من قبلنا) وهو مقاتل أيضاً في صفوف قسد، ومن أبناء عشيرة الشعيطات، كان شاهداً على عملية اقتحام الباغوز فقال لنا:” بعد ثلاثة أيام من القصف الجوي والمدفعي المكثف جداً، جاء أمر باقتحام المخيم من ثلاثة محاور، من الشرق فوج الشدادي ومن الشمال جيش الثوار، ومن الغرب قوات من الحسكة”.

وأضاف أبو حمد إنه علم من آخرين بأن فوج “ريفاس”: “إعدام 34 شخصاً بينهم نساء، إعداماً ميدانياً رمياً بالرصاص، ثأراً لعناصر فوجه الذين قتلهم التنظيم في هجومه المباغت، كما سلم سبعون شخصاً أنفسهم معظمهم من النساء والأطفال لهذا الفوج، وتم نقلهم بواسطة شاحنات إلى مكان مجهول”.

امرأة من “داعش” شهدت الحصار: قتلوا ألف شخص ودفنوا المصابين وهم أحياء!

جسر تمكنت من التواصل “عبر وسيط” مع إحدى نساء عناصر تنظيم داعش الناجيات من مجزرة الباغوز، وهي مقيمة حالياً في مخيم الهول، وقد قالت في شهادتها التي أرسلت لجسر عبر تطبيق واتس آب (الصورة المرفقة وقد تم التصرف جزئيا بالرسالة لتصحيح الأخطاء الاملائية): “وقع صاروخ على الخيمة المقابلة، كان فيها نساء وأطفال، وعلى أثر هذا احترقت الخيم التي بجانبها، وراحوا يقصفون أماكن تخزين الأسلحة، والذخائر راحت تنفجر، ويقتل الناس، يومها قتل أكثر من ألف بسبب النار والرصاص الذي ينزل عليهم مثل المطر. لم يرحموا لا صغيراً ولا كبيراً، وأكثر من احترق هم من (العجم) .. أي الاوربيين، و(الاخوة) انحازوا إلى طرف الجبل، وبقي (أخوة مصابون)”..

لكن الجزء الخطير في تلك الرسالة هو التالي:” الأكراد منعوا أي صحفي من الدخول إلى الباغوز، وفي البداية ادخلوا تركسات (جرافات) وطمروا كل الجثث، ومن ضمنهم نساء ورجال مصابون، وبعضهم إصابته خفيفة لكن لا يستطيعون المشي”.

“أسرى داعش” الذين كانت يحتفظ بهم التنظيم ربما كانوا بين ضحايا المجزرة

يقول أبو مجحم إن الأكراد أبعدونا عن الخط الأول في هذه المنطقة، و “منعنا جهاز أمني من الاستخبارات يقوده شخص يدعى (هافال آغري)، من الوصول إلى داخل المخيم، الذي كانوا يتوقعون احتواءه على ما هو ثمين ويريدون الاستئثار به لأنفسهم”.

وعندما سألناه عما يقصده بـ”الثمين” قال: “إن الهدف الأهم بالنسبة لقسد كان الأسرى الذين بحوزة داعش ومنهم جنود أكراد، لكن الأهم كان الأب باولو، كما جرى الحديث عن ممرضة أوربيّة، وأشخاص آخرين كان التنظيم يفاوض على إطلاق سراحهم مقابل إخراج عناصره من الباغوز إلى الصحراء”. وعندما سألناه عن مصير هؤلاء، قال أبو مجحم: ” إذا ما كانوا في مخيم الباغوز فقد قتلوا في مرحلة القصف بكل تأكيد، فميدان المعركة كان محروثا بشظايا القنابل شبراً شبراً، والرهائن بالتأكيد تم استخدامهم كدروع بشرية لمقاتلي داعش وعائلاتهم، وكانوا أول الضحايا”.

القيادة الكرديّة في قسد رفضت التحدث إلى “جسر” رغم الإلحاح

جسر حاولت أن تضع هذه المعطيات أمام القادة العسكريين في “قسد” وقوات التحالف الدولي التي تعمل ضمنه، واتصلنا وفق الأصول المتبعة بمصطفى بالي، رئيس الدائرة الإعلامية في “قسد” على مدى يومين متتاليين، وتركنا له رسائل مكتوبة وصوتية، عبر تطبيق واتس آب، تشرح الغاية من الاتصال، واستمع إليها، لكنه تجاهلها ولم يردّ على الاتصالات المباشرة أيضاً.

“الشعيطات” يردّون: تهمة استباقية من الأكراد للتنصل من الجريمة في حال انكشافها

أبو علاوي، أحد أبناء قبيلة الشعيطات ، وناشط اعلامي، عبر عن غضبه من الاتهامات الموجهة لشبان من قبيلته، وقال لجسر: “بعد أكثر من خمس سنوات من قتال عشيرتنا لتنظيم داعش، وخسارة خيرة شباننا، تشن علينا حملة لا تقل ظلماً واجحافاً عن حملة داعش علينا، ففي حين اتهمنا داعش بالارتداد عن الدين واباح قتلنا، يأتي اليوم من يصفنا بالقتلة المجرمين، ويبيح قتلنا أيضاً”.

وقال أبو علاوي لجسر:” كان مقاتلونا في الباغوز قلّة، ولم يكونوا على خطوط التماس، ولم يكن لديهم صلة بالتحالف وطائراته، وليس لديهم مدفعية ثقيلة ليقصفوا العائلات في المخيم، من ارتكب الجريمة الاولى، وهي القتل بالسلاح الثقيل، يستطيع أن يعدم الأطفال بالسلاح الفردي”. الشعيطي نوّه أيضا إلى أن مجازر أخرى تتهم بها “قسد” لم يتحدث عنها أحد، وتساءل:”  لماذا لا يفتح تحقيق في مجزرة الرقة التي قالت منظمة العفو الدولية أن ١٦٠٠ مدني قتلوا فيها على يد قسد وحلفائها؟ لم يكن الشعيطات حينها مشاركون في العمليات، فمن ارتكبها؟ الجميع يعرف، إنهم الأكراد المنضوون في قوات سوريا الديمقراطية، لكن نحن العرب السنّة يجب أن نظهر قتلة ومجرمين، إن لم يكن ممكناً اتهامنا بالإرهاب والدعشنة”. وأضاف: “إن الغاية من اتهامنا هي سياسيّة بحتة، لتبخيس دور المكون العربي في الحرب ضد الإرهاب، وحجب أي تعاطف دولي وعالمي مع قضيتهم.  أبو علاوي أستدرك: “وربما كانت خشية الأكراد من محاكمات لاحقة، خاصة فيما يتعلق بالمختطفين من جنسيات أوربية، ما دفعهم لإلصاق التهمة على نحو استباقي بالشعيطات العرب”.

خلاصة:

ما زال ثمة حلقات مفقودة في هذه القضية، ففي مكان الجريمة حضر أربعة أطراف، هم مقاتلو الشعيطات، ومقاتلون أكراد في قسد، ومقاتلو التحالف الدولي، ومقاتلو داعش، لكن الحلقة الوسطى، التي يمكنها أن تضئ على دور كافة الأطراف، هي الطرف الكردي، الذي كان له الحضور الأكبر في العمليات، واحتفل بشكل رسمي بتحقيق النصر في الباغوز، ممثلاً بقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي.

ومع أن هذا الطرف رفض الادلاء بمعلوماته، إلا أن خبراء حقوقيين، بينهم المحامي الأستاذ محمد صبرا قالوا لصحيفة جسر: “وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب، والتي تمنع منعا باتا التعرض لحياة المدنيين أو لكرامتهم وممتلكاتهم الشخصية فإن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات سورية الديمقراطية في أثناء معاركها في منطقة دير الزور والباغوز تحديدا ترقى إلى جرائم حرب لأنها تشكل انتهاكا خطيرا للموجبات القانونية في اتفاقيات جنيف الأربعة ولا سيما الاتفاقية الرابعة”.

وأضاف:”في النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية فإن المادة 8 قد أوضحت بشكل صريح أن القتل العمد في النزاعات يعتبر جريمة حرب مؤثمة قانونا ويلاحق مرتكبها وفق الاختصاص النوعي لمحكمة الجنايات الدولية” .

إن المعلومات المتوفرة، تنطوي على ادانة واضحة لهذه القوات وقائدها، فسواء كان من ارتكب هذه المجزرة عرب من الشعيطات أو أكراد، فإنهم في المحصلة عناصر في سلطة أمر واقع سيطرت على منطقة العمليات، ويتحمل (مظلوم عبدي) بوصفه “قائد” قوات سوريا الديمقراطية، المسؤولية عن أفعال مرؤوسيه وجنوده، مجهولي الهوية الحقيقية حتى الآن، كما أن هذه القوة مسؤولة عن تقديم الأدلة وفتح تحقيق في الجريمة، وفيما لو ثبت أنها قامت بإخفاء الأدلة أو العبث بها، مثل طمر الجثث بالجرافات ومنع الصحفيين من الوصول إلى مكان المجزرة،  فإن ذلك جريمة إضافية، تثبت تورطهم في الجريمة الأولى. كما تتحمل كافة الأطراف الدولية المشتركة في العمليات جانباً من المسؤولية، ويتوجب على قوات التحالف الدولي فتح تحقيق من طرفها في الحادثة، وإلا اعتبر سكوتها تواطأ يدينه القانون. إضافة إلى ذلك فإن ذوي مختطفي داعش الذين يحتمل أنهم قتلوا في القصف، أو في سواه من العمليات، يستطيعون مقاضاة القوى المشتركة في العملية، وكون المسؤول المعلن عن القوات الميدانية “قسد” هو مظلوم عبدي، فإنه المتهم بالمسؤولية عن هذه الجريمة، ويجب أن ترفع بحقه الدعاوى القانونية المناسبة، لاستجلاء الحقائق، وانصاف الضحايا.

مقالات ذات صلة

USA